قبل بضعة اسابيع مضت كنت انتظر دوري في عيادة الطبيب ، ورأيت ام مع اثنين من اطفالها وكان سن الطفلين لا يتعدي العامين ، ولاحظت انهماك الطفل الاكبر في اللعب علي جهاز الهاتف المحمول الخاص بالام ، في هذه اللحظة اصبت بالدهشة ولكني بالطبع لا يمكنني لوم الام كثيرا فالطفل لم يكن يبكي او يصرخ او يتصرف بشكل غير لائق، ولكن اخذت اتساءل داخل نفسي ماذا حدث بعد ان عادوا الي منزلهم ، يبدو ان هذا الطفل مستعد ان يحصل علي جهاز الهاتف وبأي ثمن .
وفي الواقع انا اصبت بالدهشة ليس لان وضع الطفل غريب ، اصبت بالدهشة من مدي تعلقه الشديد بالتليفون المحمول ، واصبحت اعلم جيدا ان الهواتف المحمولة اصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا العصرية مثلها مثل بطاقة الائتمان، والوسائد الهوائية، والعقاقير الطبية وغيرها من الاحتياجات الحياتية التي انتشرت مؤخرا ، ولكن من الجيد ان كل هذه الاشياء تأتي مع تحذيرات واضحة ، وقد زودت هذه التحذيرات بالطبع سلامة المستهلك وعززت حق المستهلك في معرفة المنتجات التي يقوم بشراؤها .
واستنتجت امرا اخرا وهو ان حفظ سلامة اطفالك في هذا العصر من شاشة ثابتة ليس بالامر السهل ، وذلك في حين ان الاطفال اصبحت اكثر مهارة من الناحية الفنية في هذه الاجهزة ، ولكنك يمكنك انتهاز هذا في صالحك ، فقدرتهم على تمييز الجيد من السيئ من حيث المضمون هي فعلا المهارة الحقيقية التي يجب تطويرها .
ولكنك كأب او كأم تشعرون دوما بالقلق لان وجود الاطفال في بحر الإشعاع الترددي هذا لم يكن موجودا ابدا في تاريخ البشرية ، فاعداد الاطفال دون سن الرابعة عشر الذين يحملون الهواتف المحمولة في تزايد مستمر ، وهناك العديد من الدول اليوم والذين يعتبروا بارعين في امور التكنولوجيا مثل فنلندا ،فرنسا ،الهند ،سويسرا وروسيا قلقون كثيرا من استخدام هذه الاجهزة علي المخ ، ويحاولون تقوية الوعي لاستخدام هذه الهواتف المحمولة بشكل آمن .
ولم ينج ايضا النساء والرجال من هذا الاشعاع ، فهذه الاجهزة تعتبر قضية صحية حقيقية علي السيدة الحامل ، وايضا علي الرجال الذين يرغبون في انجاب اطفال اصحاء ، ويرجع السبب وراء ذلك في الاضرار التي يسببها الاشعاع علي المخ وعلي السائل المنوي ، وهذا ما اثبتته حيوانات التجارب ، فما بالك بمخ البالغ من العمر خمس سنوات او اقل ، حيث يكون غطاء الجمجمة لديهم ارق ويحتوي على سوائل اكثر من التي موجودة في دماغ الكبار ، فرأس الطفل تمتص 10 مرات اكثر هذا الشعاع من الكبار .
وهناك دراسة قُدمت في اوائل عام 2015 وتم مناقشتها في الاجتماع السنوي للجمعيات الاكاديمية الخاصة بطب الاطفال ، واشارت هذه الدراسات إلى بعض النتائج المذهلة التي وصل اليها الاطفال في استخدامهم للاجهزة النقالة التي تنتمي إلى الآباء والاجداد او الاشقاء الاكبر سنا ، فتم مناقشة كل ما يلي :
هناك مع الاسف اكثر من ثلث الاطفال الرضع يقومون باللعب على الهواتف الذكية والاجهزة اللوحية المحمولة حتى قبل ان يتعلموا المشي او الكلام وهذا بالطبع قمة الخطر .
الاطفال الذين هم اقل من 1 سنة يتعرضون لاجهزة التلفاز بشكل كبير بحكم تواجدهم مع الام او الاب ، فيوجد حوالي 52٪ من الاطفال يشاهدون البرامج التلفزيونية، و 36٪ منهم يلمسونها او يقومون بتمرير ايديهم على الشاشة، والباقي مهتم بالعاب الفيديو والتطبيقات المختلفة .
ويجب ان تكون علي دراية انه كلما تقدم الطفل في السن كلما زاد الوقت الذي يقضيه على الاجهزة ، فقد اثبتتالدراسات ان26% من الاطفال التي تتراوح اعمارهم بين عامين و38 % من الاطفال التي تتراوح اعمارهم بين 4 سنوات يقومون باستخدام الاجهزة لمدة ساعة على الاقل يوميا .
ومن المثير للاسف حقا ان هناك 73٪ من الآباء يتركون اطفالهم يلعبون بالاجهزة المحمولة اثناء القيام بالاعمال المنزلية، ومنهم من يفعلون ذلك لتهدئة الطفل ومنهم من يقوم بذلك عندما يوضعون الطفل وقت النوم ، فاصبح من المغري بالنسبة للاباء والامهات ان يقومون بالسماح لهذه الاجهزة المحمولة ان تصبح بمثابة المربيات الالكترونية ، ولكن كن حذرا فان هذا بالتأكيد يجلب معه بعض المخاطر .
ويجب عليك ان تقلق ، فقد اعربت الاكاديمية الامريكية لطب الاطفال عن قلقها الشديد إزاء استخدام الجهاز المحمول من قبل الاطفال الصغار ، وتشمل مخاوفهم :
ان ادمغة الاطفال تكون في وضع النمو السريع من 0 - 2 سنة من العمر، ولذلك تكون حساسة جدا تجاه اي شئ ، وقد ارتبط التعرض المفرط للتكنولوجيا مع نقص الانتباه لدي الاطفال ، والتأخر المعرفي وتأخر التعلم وضعف وتراجع في القدرة العقلية فيصبح الطفل ليس لديه ما يسمي بالتنظيم الذاتي .
يقضي معظم الاطفال وقتهم علي شاشة ثابتة وعادة ما تكون مستقرة، علي عكس ما هم يحتاجون في هذه المرحلة ، فالاطفال الصغار يحتاجون في هذا السن الي تطوير انماط النشاط لديهم ، وعندما لا يحدث ذلك فيمكن ان يؤدي بدون شك إلى السمنة في مرحلة الطفولة، وايضا يؤدي الي مرض السكري في مرحلة الطفولة وامراض اخرى .
عندما يسمح الوالدين للطفل باستخدام التكنولوجيا دون رقيب في غرف نوم الاطفال، يحدث ما يسمي الحرمان من النوم ويكون شائع للغاية ، وخصوصا اذا كان الاطفال يستخدمون هذه الاجهزة عندما يغفون .
كن حذرا لان نتائج استخدام طفلك لهذه الاجهزة قد تكون وخيمة ، فالاطفال الذين ينعزلون عن والديهم ، ويضعون كل تركيزهم في هذه الاجهزة ينتهي بهم الامر الي الادمان ، نعم الادمان علي هذه الاجهزة فيصبح الطفل متعلق بادوات التكنولوجيا هذه تعلق رهيب ولا يستطيع تركها ، فاثبتت احدي الدراسات ان 11٪ من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم ما بين 8 - 18 سنة اليوم هم مدمنين حقا على ادوات التكنولوجيا هذه .
ما يجب علي الآباء والامهات فعله تحديدا :
- إذا كنت قلقا بشأن اطفالك واستخدامهم للتكنولوجيا، وخاصة في سن مبكرة، فيجب ان تفكر في بعض الاستراتيجيات الرئيسية لكي تحد من تفاقم هذه المشكلة فيمكنك علي سبيل المثال :
- تحديد وقت لهذه التكنولوجيا ، فعلي سبيل المثال يمكنك ان تسمح للطفل باللعب علي الجهاز المحمول مدة انت تقوم بتحديدها مثلا ساعتين في اليوم .
- مشاركة وادخال انشطة اخري علي الطفل مثل العاب التعلم، والقراءة للطفل والغناء معه ، فهذه الانشطة تبني الادراك لدي الطفل دون الاعتماد علي التكنولوجيا .
- يجب تشجيع اطفالك علي النشاط الذي يحد من الوقت الذي يقضيه مستقر بدون حركة، فالنشاط الطبيعي يقوي صحة الطفل ، ولكن يجب ان تأخذ في الاعتبار ان تجعل الاطفال ينخرطون في الانشطة المناسبة للفئة العمرية لهم حتي يكونوا اكثر صحة .
وهناك بعض الارشادات التي يمكنك القيام بها لحماية نفسك وعائلتك من الإشعاعات المنبعثة من اجهزة التكنولوجيا الفائقة ، ومن اولي هذه الارشادات ان تجعل بينك وبين هذه الاجهزة مسافة معقولة حيث تحمي نفسك انت واطفالك من الاشعاعات التي تصدر منها وايضا :
- لا تضع الهاتف المحمول مباشرة إلى رأسك فيجب استخدام سماعة الرأس او مكبر الصوت عند الحديث على الهاتف .
- يجب على النساء الحوامل إبقاء الهواتف المحمولة الخاصة بهم بعيدا عن منطقة البطن والرجال الذين يرغبون في ان يصبحوا آباء يجب إبقاء الهواتف بعيدا عن جيوبهم .
- لا تسمح للاطفال للعب او استخدام الهاتف المحمول الخاص بك ، ويجب على الاطفال الاكبر سنا استخدام سماعة الرأس عند التحدث في الهاتف المحمول .
- إيقاف استخدام الجهاز المحمول ليلا للحد من التعرض للإشعاع .
- تناول الخضروات الخضراء والحصول على ليلة نوم جيدة في غرفة مظلمة لتعزيز إصلاح الحمض النووي بطريقة طبيعية الذي قد يكون قد تتضرر من الإشعاع .