في سباق التسلح التطوري بين الحيوانات المفترسة والفريسة تم تطوير مجموعة كبيرة من الأسلحة والتقنيات لمنح كل جانب الميزة اللآزمة للبقاء على قيد الحياة، وتطور العديد من الفرائس طرقا لتجنب انتباه مفترسيها، ولكن الحيوانات المفترسة تجد أيضا طرقا خفية للقبض على عشاءها، من التمويه إلى التمثيل إلى إطلاق الفخاخ، وتجد الحياة طرقا جديدة للقتال في حرب الحياة.
1- البقيات القاتلة مقابل العنكبوت:
تتكيف العناكب بشكل رائع مع الحيوانات المفترسة، وإنهم يسيطرون على عوالمهم الصغيرة بحركاتهم السريعة وهجماتهم السامة وحواسهم الخفية، وبشكل عام، أي خطأ صغير يقع في شبكة العنكبوت يكون في وقت سيء، وبالنسبة إلى البقيات القاتلة يصطادون في شبكات العنكبوت بنشاط ويقلبون الطاولات على أداة الشبكة الحلزوني، وعندما تكتشف البقيات القاتلة الصغيرة وجود عنكبوت في شبكة ما، فإنهم يتجهون إليه مباشرة.
ويمكن للعنكبوت اكتشاف الإهتزازات من حرير الشبكة الخاص به بحجم جزء من المليون من البوصة، وهذا يمنحه الوقت للإستيلاء على الفريسة والفرار من الحيوانات المفترسة القادمة، وتمكن البقيات القاتلة من قطع طريقها نحو العنكبوت دون إخافته، ويقوم بذلك عن طريق إمساك خيوط الحرير الفردية وتقطيعها إلى شرائح، ثم تقوم بإصدارها بأقل قدر من الإضطراب على الشبكة، حتى عندما تتسلق البقيات القاتلة الشبكة يظل العنكبوت غير مدرك لخطره حتى يتم طعنه بفم الإبرة الحادة للقاتل الذي سيمتص العنكبوت حتى يجف.
2- سمكة أبو الشص:
أبو الشص هي من الحيوانات القبيحة بشكل ملحوظ، وهذا لا يهم كثيرا لأنهم يعيشون في أحلك أجزاء المحيط، وفي المناطق السوداء من المحيط لا يوجد من يراها فقط بل يوجد أيضا عدد قليل نسبيا من الفرائس التي يأكلونها، وإذا أرادت سمكة أبو الشص أن تأكل فيجب أن تجذب الحيوانات نحوها، وتقوم بذلك من خلال العمل مع البكتيريا لخلق طعم مضيء.
وتعيش البكتيريا داخل سمكة أبو الشص وتنتج ضوءا غريبا عبر التلألؤ البيولوجي، وتزود الأسماك البكتيريا بالمغذيات بينما تجلب البكتيريا الفريسة، وعندما ترى الأسماك أو الحبار الإغراء المتوهج، فإنها تتجه نحو سمكة أبو الشص، وبمجرد أن تكون في نطاق أسنان السمكة الطويلة تفتح فكها الكبير وتلتقط كل من ضل طريقه قريبا جدا، وعندما تمتلئ المعدة الكبيرة المنتفخة يمكن للسمكة أن تخفي إغراءها وتختفي في الظلام لتهضم وجبتها ببطء.
فقط أنثى سمكة أبو الشص لها إغراء، ويمكن أن تكون ذكور هذا النوع أصغر بمئات المرات من الإناث ولكنها متسترة بنفس القدر، وباستخدام عضو حسي كبير يشمون الإناث ويسارعون نحوها، وبمجرد الإقتراب من الذكور يعضون الأنثى ويذوبون رؤوسهم لتندمج مع الأنثى، ويتخلى الذكر عن حياته المستقلة ويبقى مرتبطا بالأنثى ويضخ الحيوانات المنوية إليها أحيانا.
3- الخنافس المضيئة:
تعد مشاهدة رقص الخنافس المضيئة أو اليراعات ذات الإضاءة الحيوية في الشفق من أجمل المشاهد في الطبيعة، وفي حين أن عروضهم قد تثير مشاعر رومانسية لدى البشر فإنهم يفعلون نفس الشيء في اليراعات الأخرى، وضوء اليراعات هو علامة للآخرين على أنها تريد التزاوج، أو في بعض الأحيان يكون الإغراء الزائف بالجنس هو الذي يجر ذكور الخنافس المضيئة إلى هلاكهم.
ويبدو أن الخنافس المضيئة قد طورت تلألؤا بيولوجيا بشكل مستقل عن الخنافس الأخرى وتستخدمها لتقليد أنثى اليراعات، وعندما يرى ذكور الخنافس المضيئة تومض أنوارها تتحرك لتتزاوج، وبدلا من ذلك تحتوي على مخزن من المواد الكيميائية الحيوية تمتص من رأسها ثم تأكلهم، وتماما نهاية سيئة لموعد، وتنتج اليراعات مواد كيميائية تساعدها على صد الحيوانات المفترسة، ولكن الخنافس المضيئة لا تفعل ذلك، وإذا أرادت الحماية فعليها أن تلتهمها من فريستها.
4- سيكليد الصخرة الحية:
لعبة الميت يمكن أن تكون آلية دفاع عظيمة، فبعض الحيوانات تأكل الفريسة الحية فقط، وحتى لا تموت فريسة تتظاهر أحيانا بأنها ميتة بالفعل، وبالنسبة إلى سيكليد الصخرة الحية، فإن لعبة الميت ليس دفاعا ولكنه شكل خفي من أشكال الهجوم، فالأسماك الصغيرة لها نمط ملطخ ولكن ملفت للنظر عليها، ويبدو قليلا كما لو أن لحمهم متعفن، ويكون هذا مفيدا عندما يتوجهون إلى قاع البحيرة ويظلون على جانبهم تماما.
ولا يوجد شيء أكثر إغراء في الطبيعة من تناول وجبة مجانية، وسرعان ما تتجمع الأسماك الصغيرة حول الأسماك الميتة على ما يبدو، وعندها يضرب السيكليد ويبتلع فريسته بالكامل قبل الإنتقال للعب ميتا مرة أخرى، ووجدت هذه الأسماك في بحيرة ملاوي وهي معروفة للصيادين المحليين باسم كالينجونو النائم.
5- عناكب بولاس:
بعض الحيوانات ليست مجرد حيوانات مفترسة متستر بل هي أيضا فريسة متسترة، وبالنسبة لبعض أنواع عناكب بولاس فقد تطورت لتبدو تماما مثل كومة من فضلات الطيور، وإنهم يقضون اليوم في انتظار أعلى ورقة وغالبا ما يتركهم أي حيوان قد يفترسهم بمفردهم، فمن يريد أن يأكل فضلات الطيور؟ في الليل تتحول العناكب إلى صيادين ماكرة، وأثناء الليل، تتحرك العناكب إلى الجانب السفلي من الورقة وتخرج خيطا سميكا وقويا من الحرير.
وفي نهاية هذا الخيط كتلة لزجة وثقيلة، ثم ينتظر العنكبوت مع هذه البراغي المتدلية من ساقيه الأماميتين، وينتظر العنكبوت أن تقترب العثة كثيرا، وبمجرد أن تأتي العثة فإنها تصدم بعنكبوت بولاس، وتكون عالقة على الخيط ويلف العثة ويلتهمها العنكبوت، وليس فقط طريقة صيد العث متستر، فلجذب المزيد من العث طورت عناكب بولاس قدرتها على ضخ الفيرومونات الجذابة للعث، ويمكن للعناكب حتى اختيار الفرمون الصحيح لأنواع العثة التي ترفرف حولها.
6- عنكبوت الصب الشبكي:
عنكبوت الصب الشبكي هي كائنات ثابتة بشكل عام، ولذلك قد تسخر من الحيوانات التي كانت حمقاء بما يكفي للوقوع فيها، وبالنسبة لعنكبوت الصب الشبكي والمعروف أيضًا باسم عناكب وجه الغول فإنهم لا يمنحون فرائسهم فرصة للهروب، ويجلبون الشبكة إلى الفريسة، وتقوم عناكب الصب الشبكي بتدوير شبكة خاصة عبر أذرعها الأمامية بينما تتدلى من فرع، وبأعينهم الكبيرة المواجهة للأمام ومن هنا جاء اسم وجه الغول فإنهم يراقبون الحشرات الصغيرة التي تمر تحتها.
والنسيج الذي يتم غزله بين أطرافهم هو شكل من أشكال الحرير المطاطي المعد خصيصا، وبمجرد اكتشاف فرائسها تمد العناكب أرجلها وتفتح الشبكة وتمد يدها لأسفل لتلتقط الحشرة تحتها في جزء من الثانية، وسوف تتربص العناكب لساعات في انتظار فرائسها من الحيوانات، وللتأكد من حصولهم على أفضل فرصة للقبض عليهم سيحددون هدفا لهدفهم، وغالبا ما يتكون هذا من بقع بيضاء من برازهم، وبمجرد أن تخطو الفريسة في البراز تصطدم الأشياء القذرة بالفريسة وينقض العنكبوت.
7- سمكة الضفدع:
تعتبر سمكة الضفدع سمكة غريبة المظهر لأنها غالبا ما تشبه أي شيء آخر غير السمكة، وهي عموما صغيرة وممتلئة الجسم مع زعانف عضلية وتتحرك بما يشبه الأرجل للسماح لها بالسير عبر قاع البحر، ويتم تغطيتها أيضا بالزوائد التي تساعدهم على التمويه مثل كل شيء من الأعشاب البحرية إلى المرجان، ويساعدهم هذا التقليد على الإختباء من الحيوانات المفترسة ولكنه يتيح لهم أيضا نصب كمين لفرائسهم، وغالبا ما يجلسون بلا حراك في بيئتهم في انتظار الفريسة لتعثر عليهم.
ثم يفتحون أفواههم على مصراعيها ويسحبون طعامهم، ويمكن أن تتسع أفواههم أكثر من عشر مرات مما هي عليه عادة أثناء الراحة مما لا يعطي الفريسة مساحة كبيرة للهروب، بالإضافة إلى التمويه تستخدم بعض أسماك الضفادع إغراءات على رؤوسها لإغراء الفريسة غير الحذرة، ولدى البعض إغراءات تشبه الديدان التي تدور حولها لجعلها أكثر إغراء، والبعض الآخر له طعم مثل الروبيان أو حتى الأسماك الصغيرة كاملة مع زعانف وهمية وبقع العين.
8ـ الأفعى المنتفخة:
لن تعتقد أن الأفعى السامة القاتلة يجب أن تبذل الكثير من الجهد للتسلل، فمن المؤكد أنهم يلدغون فرائسهم من الحيوانات ويجلسون للإستمتاع بوجبتهم، ومع ذلك، فقد طورت الأفعى المنتفخة طريقة أكثر رصانة للصيد فهي تركت لسانها يقوم بالعمل، والأفعى المنتفخة هم صيادون كمائن سينتظرون الطعام ليركض أمامهم، وتفعل هذا بينما يتم إخفاء معظم جسدها المتعرج ولا يظهر إلا رأسها وعيناها، ثم تنطلق للأمام وتلدغهم.
وإذا أرادت الفريسة أن تأتي إليها فيمكنها استخدام لسانها في تقنية تسمى الإغواء اللغوي، ولسانها معلق أي ضفدع سيئ الحظ يأتي منه وقد ينخدع بالإعتقاد أن هناك حشرة يمكنه تناول وجبة خفيفة، وعندما يقترب الضفدع بما يكفي للفحص، يجد نفسه فجأة مطاردا وليس الصياد، وإذا كانت الأفعى المنتفخة في حالة مزاجية لوجبة أكبر، فيمكنها استخدام ذيلها لجذبهم عن طريق التلويح به بشكل إيقاعي عبر الهواء بحيث يشبه دودة أو يرقة كبيرة.
9- أسماك منظف البحر الكاذبة:
تعد أسماك منظف البحر من أجمل الحيوانات في المحيط، ويؤدون خدمة حيوية للأسماك الكبيرة، فعندما تجد سمكة كبيرة نفسها تزحف مع الطفيليات تنقض سمكة البحر المنظفة وتأكل المخلوقات الصغيرة الضارة، وتستفيد الأسماك الأكبر حجما لأنها ستكون خالية من الطفيليات وتحصل الأسماك على وجبة جيدة فيستفيد منها الجميع باستثناء الطفيليات، ولكن بعض الحيوانات لا يمكنها ترك الأشياء الجميلة تحدث، ويستفيد سمك منظف البحر الكاذب من الجميع.
ولقد تطورت أسماك منظف البحر الكاذبة لتحاكي تماما الراس المنظف ذو الخطوط الزرقاء من حيث الحجم والشكل ونمط الجلد، لأن الأسماك الكبيرة تعلمت أن أسماك منظف البحر تساعدها على السماح لها بالاقتراب دون أكلها، ويحدث هذا عندما تسبح سمكة منظف البحر الكاذبة، وبدلا من تخليص الأسماك الكبيرة من طفيلياتها، فإنها تقضم جزءا كبيرا من السمكة الكبيرة، وتسبح بعد ذلك بقطعة اللحم المسروقة وتتعلم السمكة الأكبر ألا تثق كثيرا في المستقبل.
10- البقيات القاتلة ضد النمل:
الحشرات الإجتماعية مثل النمل والنحل هي سادة التعرف على من ينتمي إلى أعشاشها وخلاياها، وباستخدام الرائحة وحدها يمكنهم التعرف على الأعضاء الآخرين في جماعتهم، وبمجرد أن يشموا شيئا لا يخصهم إما يهاجمونه أو يطردونه، وعادة ما يكون هذا النظام كافيا لحمايتهم، ولكن البقيات القاتلة التي تسمى وجدت طريقة مرعبة ولكنها بارعة لتجاوز دفاعاتها، ويشكل هذا الخطأ القاتل ما يسمى تمويه الجثة بينما هي حورية صغيرة.
وباستخدام إفرازات لزجة، فإنها تجمع جثث النمل وتلصقها معا في كومة تحملها على ظهرها، وهذا يتيح لها الإقتراب من فريستها دون أن يلاحظوا على الفور أنه من الحيوانات المفترسة، وقد تكون رائحة النمل الميت تحجب رائحة القاتل، وقد تكون كومة النمل الضخمة على ظهرها أشكالا غير عادية تربك عين الحشرات الأخرى، ومع ذلك فإن التمويه يعمل، ويستخدمه البق القاتل لحماية نفسه من الحيوانات المفترسة والإقتراب من فريسته وامتصاصها حتى تجف.